الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وله من حديث محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جبارة بن المغلّس، حدثنا الربيع بن النعمان عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «إن موسى عليه السلام لما نزلت عليه التوراة وقرأها، فوجد فيها ذكر هذه الأمة قال: يا ربي، إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال يا رب إني أجد في الألواح أمة هم السابقون المشفوع لهم، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب، إني أجد في الألواح أمة هم المستجيبون المستجاب لهم، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة أنا جيلهم في صدورهم يقرءونه ظاهرا، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال يا رب إني أجد في الألواح أمة يأكلون الفيء فاجعلها أمتي، قال تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يجعلون الصدقة في بطونهم يؤجرون عليها، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا همّ أحدهم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة، وإن عملها كتبت له عشر حسنات، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال يا رب إني أجد في الألواح أمة إذا همّ أحدهم بسيئة ولم يعملها لم تكتب، وإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب إني أجد في الألواح أمة يؤتون العلم الأول والعلم الآخر فيقتلون قرون الضلالة المسيح الدجال، فاجعلها أمتي، قال: تلك أمة أحمد، قال: يا رب فاجعلني من أمة أحمد، فأعطى عند ذلك خصلتين، فقال: {يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ من الشَّاكِرِينَ} 7: 144، قال: قد رضيت يا رب» قال أبو نعيم: وهذا الحديث من غرائب حديث سهيل، لا أعلم أحدا رواه مرفوعا إلا من هذا الوجه، تفرّد به الربيع بن نعمان، وبغيره من الأحاديث عن سهيل، وفيه لين.وخرّج البيهقي من حديث سلام بن مسكين، عن مقاتل بن حيّان قال: وذكر وهب بن منبه في قصة داود النبي صلى الله عليه وسلّم وما أوحي إليه في الزبور: يا داود، إنه سيأتي من بعدك نبي يسمى: أحمد ومحمدا، صادقا سيدا، لا أغضب عليه أبدا، ولا يغضبني أبدا، وقد غفرت له قبل أن يعصيني ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وأمته مرحومة، أعطيتهم من النوافل مثل ما أعطيت الأنبياء، وافترضت عليهم الفرائص التي افترضت على الأنبياء والرسل، حتى يأتون يوم القيامة نورهم مثل نور الأنبياء، وذلك أني افترضت عليهم أن يتطهروا لي لكل صلاة، كما افترضت على الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالغسل من الجنابة كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالحج كما أمرت الأنبياء قبلهم، وأمرتهم بالجهاد كما أمرت الرسل قبلهم يا داود، فإنّي فضّلت محمدا وأمته على الأمم كلها: أعطيتهم ستة خصال لم أعطها غيرهم من الأمم: لا أؤاخذهم بالخطإ والنسيان، وكل ذنب ركبوه على غير عمد إذا استغفروني منه غفرته لهم، وما قدموا لآخرتهم من شيء طيبة به أنفسهم عجلته لهم أضعافا مضاعفة، ولهم في المدخور عندي أضعافا مضاعفة وأفضل من ذلك، وأعطيتهم على المصائب في البلايا إذا صبروا وقالوا: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156 الصلاة والرحمة والهدى إلى جنات النعيم، فإن دعوني استجبت لهم، فإما أن يروه عاجلا، وإما أن أصرف عنهم سوءا، وإما أن أدّخره لهم في الآخرة، يا داود، من لقيني من أمة محمد يشهد أن لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي صادقا بها فهو معي في جنتي وكرامتي. ومن لقيني وقد كذّب محمدا، وكذّب بما جاء به، واستهزأ بكتابي صببت عليه في قبره العذاب صبا، وضربت الملائكة وجهه ودبره عند منشره من قبره، ثم أدخله في الدرك الأسفل من النار.وذكر من حديث شيبان عن قتادة قال: حدثنا رجال من أهل العلم أن موسى عليه السلام لما أخذ الألواح قال: يا رب، إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون السابقون يوم القيامة- الآخرون في الخلق، السابقون في دخول الجنة- فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة أحمد... وذكره بطوله.وله من حديث سفيان بن الحرث بن مضر عن إبراهيم بن يزيد النخعي عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «صفتي أحمد المتوكل، مولده مكة، ومهاجره طيبة، ليس بفظ ولا غليظ، يجزي بالحسنة الحسنة، ولا يكافئ بالسيئة، وأمته الحمادون، يأتزرون على أنصافهم، ويوضئون أطرافهم، أنا جيلهم في صدورهم، يصفّون للصلاة كما يصفّون للقتال، قربانهم الّذي يتقربون به إليّ دماؤهم، رهبان بالليل، ليوث بالنهار». وله من حديث شريك عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح عن كعب أنه قال: محمد صلى الله عليه وسلّم في التوراة مكتوب: محمد المختار، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، أمته الحمادون، يوضئون أطرافهم، ويأتزرون على أوساطهم، يصلون الصلاة لوقتها ولو على رأس كناسة، لهم دوي بالقرآن حول العرش كدوي النحل، مولده مكة، ومهاجره بالمدينة، وملكه بالشام.وذكر أبو نعيم حديث كعب من طرق باختلاف ألفاظ وزيادة ونقصان.وله من حديث موسى بن عقبة قال: أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار أنه سمع رجلا يقول: رأيت في المنام كأن الناس جمعوا للحساب، فدعى الأنبياء فجاء مع كل نبي أمته، ورأى لكل نبي نورين، ولكل من اتبعه نورا يمشي به، فدعى محمد صلى الله عليه وسلّم فإذا لكل شعرة في رأسه ووجهه نورا، ولكل من اتبعه نوران يمشي بهما، فقال كعب وهو لا يشعر أنها رؤيا: من حدثك هذا؟ فإنّي أنا والله الّذي لا إله إلا هو رأيت هذا في المنام، فقال: باللَّه الّذي لا إله إلا هو رأيت هذا في منامك؟ قال: نعم، قال: والّذي نفس كعب بيده إنها لصفة محمد صلى الله عليه وسلّم وأمته، وصفة الأنبياء وأممها في كتاب الله، لكأنما قرأه من التوراة.وذكر الأوزاعي عن يحيى بن أبي عمرو الشيبانيّ قال: حدثني البكالي قال: كان عمرو البكالي إذا افتتح موعظة قال: ألا تحمدون ربكم الّذي حضر غيبتكم، وأخذ سهمكم، وجعل وفادة القوم لكم، وذلك أن موسى عليه السلام وفد ببني إسرائيل فقال الله لهم: إني قد جعلت لكم الأرض مسجدا حيث ما صليتم منها تقبلت صلاتكم إلا في ثلاثة مواطن، من صلى فيهن لم أقبل صلاته: المقبرة، والحمام، والمرحاض، قالوا: لا إلا في كنيسة، قال: وجعلت لكم التراب طهورا إذا لم تجدوا الماء، قالوا: لا إلا بالماء، قال: وجعلت لكم حيث ما صلى الرجل مكان وجده تقبلت صلاته، قالوا: لا إلا في جماعة.
.وأما ذكره في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته: فقد قال الله جل ذكره: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ في التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا به وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 7: 157، فقوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} 7: 157، يخرج اليهود والنصارى من عموم قوله: {فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} 7: 156، ويخصها بأمة محمد صلى الله عليه وسلّم. قاله ابن عباس وسعيد بن جبير. وقوله: الَّذِي يَجِدُونَهُ 7: 157، أي يجدون نعته أو اسمه أو صفته، مكتوبا عندهم. وقوله: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} 7: 157، قال عطاء: يأمرهم بالمعروف بخلع الأنداد ومكارم الأخلاق وصلة الأرحام، {وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} 7: 157، عبادة الأصنام وقطع الأرحام، {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ} 7: 157، وهو ما كانت العرب تستطيبه، وقيل: هي الشحوم التي حرمت على بني إسرائيل، والبحيرة والسائبة والوصيلة والحام، {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ} 7: 157، وهو ما كانت العرب تستخبثه، وما كانوا يستحلون من الميتة والدم ولحم الخنزير، {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ} 7: 157، الإصر الثقل، قاله قتادة ومجاهد وسعيد ابن جبير، والإصر: العهد، قاله ابن عباس والضحاك والحسن، فجمعت الآية المعنيين، فإن بني إسرائيل قد كان أخذ عليهم عهد أن يقوموا بأعمال ثقال، فوضع بمحمد صلى الله عليه وسلّم ذلك العهد، وثقل تلك الأعمال من تحريم السبت والشحوم والعروق، والتشديد في البول، ومجانبة الحائض في كل حال، وتحريق الغنائم بالنار.وقال الزجاج: ذكر الأغلال تمثيل، فقد كان عليهم أن لا يقبل في القتل دية، ولا يعمل في يوم السبت عمل، وأن لا تقبل توبتهم إلا بقتل أنفسهم... إلى غير ذلك.وقد ذكر صلى الله عليه وسلّم في عدة مواضع من التوراة باسمه وصفته على ما سيرد إن شاء الله.وذكرت صفته في الإنجيل في فصل الفارقليط من إنجيل يوحنا، هذا مع ما لحق الكتابين من التحريف والتبديل، فبقي ذكره صلى الله عليه وسلّم فيهما من قبيل المعجزة، لأن اجتهاد أمتين عظيمتين على إزالة ذكره من كتابين لطيفي الحجم ثم لا يستطيعون ذلك معجزة لا شك فيه، وتعجيز إلهي لا ريب فيه.حدّث سعيد بن بشير عن قتادة عن كعب قال: أوحى الله تعالى إلى أشعياء أن قم من قومك، أوح على لسانك، فقام أشعياء خطيبا، فلما قام أطلق الله لسانه بالوحي، فحمد الله وسبحه وقدسه وهلله، ثم قال: يا سماء اسمعي، ويا أرض أنصتي، ويا جبال أوبي، فإن الله يريد أن يفضّ شأن بني إسرائيل الذين رباهم بنعمته، واصطفاهم لنفسه، وخصهم بكرامته، فذكر معاتبة الله إياهم، ثم قال: وزعموا أنهم لو شاءوا أن يطلعوا على الغيب بما توحي إليهم الشياطين والكهنة اطلعوا، وكلهم مستخف بالذي يقول ويسرّه، وهم يعلمون أني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما يبدون وما يكتمون، وأني قد قضيت يوم خلقت السموات والأرض قضاء أثبته، وحتما حتمته على نفسي، وجعلت دونه أجلا مؤجلا، لابد أنه واقع. فإن صدّقوا بما ينتحلون من علم الغيب فليخبروك متى هذه المدة، وفي أي زمان تكون، وإن كانوا يقدرون على أن يأتوا بما يشاءون فليأتوا بمثل هذه القدرة التي بها أمضيته، فإن كانوا يقدرون على أن يؤلفوا ما يشاءون فيؤلفوا مثل هذه الحكمة التي بها أدبّر مثل ذلك القضاء إن كانوا صادقين، وإني قضيت يوم خلقت السماوات والأرض أن أجعل النبوة في غيرهم، وأن أحول الملك عنهم، وأجعله في الرعاء، والعز في الأذلاء، والقوة في الضعفاء، والغنى في الفقراء، والكثرة في الأقلاء، والمدائن في الفلوات، والآجام والمفاوز في الغيطان، والعلم في الجهلة، والحكمة في الأميين، فسلهم متى هذا، ومن القائم بهذا، وعلى يدي من أثبته، ومن أعوان هذا الأمر وأنصاره إن كانوا يعلمون؟.وزاد وهب بن منبه في روايته فإنّي سأبعث لذلك نبيا أميا، أعمى من عميان، ضالا من ضالين، أفتح به آذانا صما، وقلوبا غلفا، وأعينا عميا، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وملكه بالشام، عبدي المتوكل، المصطفى المرفوع، الحبيب المتحبب المختار. لا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح ويغفر، بالمؤمنين رحيم، يبكي للبهيمة المثقلة، ويبكي لليتيم في حجر الأرملة، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، لا يتزيئ بالفحش، ولا قوال بالخنا، أسدده بكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، أجعل السكينة لباسه، والبرّ شعاره، والتقوى زاد ضميره، والحكمة معقولة، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمغفرة والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدى به بعد الضلالة، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأسمّي به بعد النكرة، وأكثر به القلّة، وأغنى به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلّف به بين قلوب وأهواء متشتتة، وأمم مختلفة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، وتوحيدا بي، وإيمانا بي، وإخلاصا وتصديقا لما جاءت به رسلي، وهم رعاة الشمس، طوبى لتلك القلوب والأرواح والوجوه التي أخلصت إلي الهمم، ألهمهم التسبيح والتكبير والتحميد والتوحيد في مساجدهم ومجالسهم، ومضاجعهم ومتقلبهم ومثواهم. يصفون في مساجدهم كما تصف الملائكة حول عرشي، هم أوليائي وأنصاري، أنتقم بهم من أعدائي عبدة الأوثان، يصلون لي قياما وقعودا وركعا وسجدا ويخرجون من ديارهم وأموالهم ابتغاء مرضاتي ألوفا، ويقاتلون في سبيلي صفوفا وزحوفا، أختم بكتابهم الكتب، وبشريعتهم الشرائع، وبدينهم الأديان، فمن أدركهم فلم يؤمن بكتابهم، ويدخل في دينهم وشريعتهم فليس مني، وهو مني بريء، وأجعلهم أفضل الأمم، وأجعلهم أمة وسطا، ليكونوا شهداء على الناس، إذا غضبوا هللوني، وإذا قبضوا كبروني، وإذا تنازعوا سبحوني، يطهرون الوجوه والأطراف، ويشدون الثياب إلى الأنصاف، ويكبرون ويهللون على التلال والأشراف، قربانهم دماؤهم، وأناجيلهم في صدورهم، رهبانا بالليل ليوثا بالنهار، ينادي مناديهم في جو السماء، لهم دوي كدوي النحل، طوبى لمن كان منهم وعلى دينهم ومنهاجهم وشريعتهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم.وفي رواية: ولا صخاب في الأسواق، ولو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب اليابس لم يسمع من تحت قدميه، أبعثه مبشرا ونذيرا، وأستنقذ به قياما من الناس عظماء من الهلكة، أجعل في أهل بيته وذريته السابقين والصديقين، والشهداء والصالحين، وأمته من بعده يهدون بالحق وبه يعدلون، أعزّ من نصرهم، وأؤيد من دعا إليهم، أجعل دائرة السوء على من خالفهم وبغى عليهم، وأراد أن ينزع شيئا مما في أيديهم، أجعلهم ورثة لنبيهم، والداعية إلى ربهم، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم، أختم بهم الخير الّذي بدأت به أوّلهم، ذلك فضلي أوتيه من أشاء وأنا ذو الفضل العظيم.وقال عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بلغني أن بني إسرائيل لما أصابهم ما أصابهم من ظهور بخت نصّر عليهم، وفرقتهم وذلتهم تفرقوا، وكانوا يجدون محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلّم في كتابهم، وأنه يظهر في بعض هذه القرى العربية، في قرية ذات نخل، ولما خرجوا من أرض الشام جعلوا يميزون كل قرية من تلك القرى العربية بين الشام واليمن، يجدون نعتها نعت يثرب، فينزل بها طائفة منهم ويرجون أن يلقوا محمدا فيتبعونه، حتى نزل من بني هارون من حمل التوراة بيثرب منهم طائفة، فمات أولئك الآباء وهم يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلّم أنه آت، ويحثون أبناءهم على اتباعه إذا جاء، فأدركه من أدركه من أبنائهم وكفروا به وهم يعرفونه.وقال محمد بن إسحاق: حدثنا صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمود بن لبيد عن سلمة بن سلامة قال: كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل، فخرج علينا يوما من بيته- وذلك قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلّم بيسير حتى وقف على مجلس بني عبد الأشهل وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا، عليّ بردة لي مضطجعا فيها بفناء أهلي، فذكر البعث والقيامة، والحساب والميزان، والجنة والنار، قال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان، لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت، فقالوا: ويحك وتكون دارا فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم؟ قال: نعم والّذي أحلف به، ولودّ أن حظه من تلك النار أعظم تنور في هذه الدار، يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبقونه عليه، ثم ينجو من تلك النار غدا، قالوا ويحك. وما آية ذلك؟ قال: نبي يبعث من هذه البلاد- وأشار بيده نحو مكة واليمن- قالوا: فمتى تراه؟ فرمى بطرفه فرآني وأنا مضطجع بفناء باب أهلي وأنا أحدث القوم سنا فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة: فو الله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلّم، وهو حيّ بين أظهرنا فآمنا به، وكفر به بغيا وحسدا، فقلنا: ويلك يا فلان، ألست الّذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى ولكن ليس به. وذكر الواقدي أن اليهودي اسمه يوشع.
|